"كثيرا ما تعودنا فى هذا البلد المصون , على أن نحصل على خدمات فى مقابل ما ندفعه من ضرائب و فواتير .. كل شىء فى البلد دى ماشى زى الساعة ..

شركة الكهرباء لو سمعت إن الكهرباء مقطوعة فى حتة فى البلد , يبقى كأن القيامة قامت .. تلاقى الموظفين "فزوا" من على مكاتبهم عشان يشوفوا العطل الفنى الخطير .. طبعا .. ماهو الكهربا ما ينفعش تتقطع أكتر من 5 دقايق بس ..

شركة المية عندها نفس الكلام .. انضباط إيه .. و التزام إيه .. المية طول النهار فى الحنفيات .. و لو حبوا يقطعوا المية ساعتين ولّا حاجة , تلاقيهم أعلنوا فى الجرايد القومية و التليفزيون , قبلها بـ 3 ايام .. عشان الناس تستعد ..
إيه الدلع اللى احنا فيه ده ؟! .. مين بعد كده يقدر يفتح بقه و يقول نص كلمة فى حق المسئولين اللى شايفين شغلهم كويس كده ؟! ..ده الشعب لو اتكلم بعد كده يبقى ما عندوش دم .. "

البُقّين اللى فاتوا دول سهل جدا إنك تسمعهم من أى مسئول كبير أو حتى شخصية عامة .. و انا لازم أصدق الكلام ده و أحفظه أكتر من اسمى كمان .. و ده طبعا عشان أنا عندى أب و أم "باجرى عليهم" و عايزهم يفرحوا بيّه و انا فى الكوشة مع بنت الحلال .. و ف نفس الوقت عشان "أعلى ظهرى" مش مستحمل طبطبة اليومين دول ..

بس انا عندى سؤال محيرنى و قالق منامى و مأرّق مضجعى .. السؤال هو:
ليه الكلام الجامد ده موجود فى كل الجمهورية إلا الصيدلية بتاعتنا ؟!

حد يعرف يجاوب ؟!

ده انا لو حكيت لك ع اللى باشوفه من تحت راس الشركتين دول , احتمال تطلّع لى كل اللى ف جيبك إشفاقا عليّه و إحساسا بالذل اللى باتعرّض له ..
تقولشى فى السجن الحربى يا خىّ ؟!

تصدق إنى عمرى ما رجعت من الصيدلية ف يوم و انا فرحان ان النور و المية كانوا موجودين مع بعض طول اليوم ..؟!
بجد صدقنى .. ما باهزرش و لا بابالغ ..

طب و الله العظيم الكهربا اتقطعت عليّه و انا باكتب "الفرسة" دى فى الصيدلية ع الوورد .. جايز حد قال لهم ساعتها إنى قاعد باكتب عنهم , قالوا لما نغلس عليه شوية .. بس عملوا طيب برضه .. أدينى زودت الحتة دى فى الفرسة عشان تبقى مقنعة أكتر ..

لأ و يقول لك : بنية تحتية ..!!

يا اخواننا سيبونى ساكت .. ما حدّش ينبشنى ..


خد التقيلة بقى ..
المية .. و يا عينى ع المية .. و المية تروى العطشان ..
يا سيدى بقى احنا لقينا ان المية ما بتجيش الصيدلية غير يوم واحد أو يومين فى الشهر .. و لقينا ان الفواتير بتيجى بالشىء الفلانى .. و لا كأننا كنا بنروى الغيطان اللى حوالينا ... !!! و على ذلك قررنا الاستغناء عن هذه المياه الغزيرة المتدفقة اللى بتيجى يوم فى الشهر دى .. يا عم شيل العداد اللى مزعلك ده .. ياللا .. هى جات على دى ؟! ..

الكلام ده كان إمتى ؟! .. من أربع خمس اشهر كده .. فييييين .. من أول إمبارح لقيت الباشا المحصل جاى الصيدلية و هو بيفرّحنا و يقول لنا إن احنا علينا 14 فاتورة مية لازم تندفع و إلا حيبقى ليهم تصرف تانى ..
-هما مين دول اللى حيبقى ليهم تصرف تانى ؟!
-شركة المية يا باشا ..
-و إيه بقى التصرف التانى ؟!
-يا دكتور أنا سايب باشمهندس عمرو "رئيسى فى الشركة" و هو بيكتب فيكوا مذكرة لوزارة الصحة تفيد بإن الصيدلية هنا ما فيهاش مصدر مياه نضيف و آمن .. و انت عارف بقى ان الصيدلية فيها تراكيب محتاجة مية و ناس بتاخد الحبوب فى الصيدلية .. و برضه محتاجة مية .. و على فكرة دى فيها محضر و غلق للصيدلية ..
يا سيدى أنا باجيب المية النضيفة بتاعتنا من دمنهور .. حتى من أيام ما كان العداد موجود .. دى المية هنا - إذا جات - بتكون كلها عكارة و مرارة و .. حاجات بتمشى كمان ..
و اللهِ أنا ماليش دعوة .. أنا عبد و مأمور .. حتدفع الفلوس ولّا أروّح ؟!

كان ينظر إلى بخبث متناهٍ .. ذكّرنى بأختى الصغيرة عندما كانت تطلب منى أن أساعدها فى أداء واجباتها الدراسية على ألّا تخبر أمى بأننى من كسرت الـ"فازة " بتاعة أوضة الصالون ..
و يا ريت على كده و بس .. ده حتى بعد ما الحاج راح شركة المية و كعّ المبلغ المتين , على أن يأتى الموظف فى اليوم التالى و معه العداد المعجزة اللى حيرجعنا إلى عصر المجد و الرخاء المائى .., بعد كل ده .. جاء المحصل مرة أخرى ( بضم الهمزة أو .. على مزاجك ) و لكن دون العداد ..
-إيه .. أمّال فين العداد ؟!
-لا يا فندم .. أصل امبارح لما الدكتور دفع الفواتير عندنا , الباشمهندس عمرو كان تعبان و شقيان , فنسى يقول له إن عليه لسه مصاريف "الفك و التركيب" ..
-( مستعجبا كاظما غيظى ) نعم يا باشمهندس ؟!
آه .. "الفك و التركيب" .. 46 جنيه و نص بس .. مش العداد حيطلع م المخزن عندنا و ييجى لغاية هنا فى عربيات و الموظف بتاعنا حيركبه و يجربه .. ؟! كل ده محتاج فلوس يا دكتور ولّا إيه ؟! .. ولّا الدولة هى اللى تتحمل المصاريف دى يعنى ؟!
-لااااااا إزاى ؟!!!! أمّال إحنا مهمتنا إيه فى الحياة غير كده ؟! .. طبعا .. البيه الباااااشمهندس ينسى يقول لابويا ع الـ 46 زفت و نص , عشان ما ينفعش الدولة تتحمل المصاريف المهولة دى .. لكن ينفع إن أبويا يتعطل يوم كامل عشان يروح شركة المية تانى و يقف فى الطابور تانى و يمشى له جوة الشركة ميتين تلتمية متر ( ما هى ولا استاد القاهرة أصلها ) و كل ده فى نغرة الساعة 12 الظهر على بال ما يكون البيه الموظف المحصّل شرّف (زى المرة اللى فاتت كده) .. يا اخواننا .. اتقوا الله ..

بدأت أحس ساعتها إن الموظف اللى كان بيكلمنى , بدأ يتعاطف معايا .. ملامحه كانت بتقول كده .. لكن كلامه كان بيقول إن الشركة عمرها ما حتتعاطف معانا زيه .. ما هو عبد و مأمور بقى ..


هى دى مصر ..
و هى دى شركة المية .. من غير مية ..
و هى دى مرارتى اللى اتفقعت ..

سلام دلوقتى لغاية الفرسة الجاية ..

أخوكوا AUG