الأربعاء، 18 يوليو 2012

الفرسة رقم ( 12 ) .. جزمة ثقة ..

 


 


كانت غلطة عمرنا , اللى حنفضل نادمانين عليها "حتى يتوفانا الله" , هى أننا أسرعنا بفتح هذه الصيدلية قبل تخرجى .. كان هدفنا نبيلا فى هذا الوقت , .. كنا نعلم أن الصيدلية ستعانى فى البداية من قلة عدد المترددين عليها .. فأردنا أن نفتتح الصيدلية "بدرى بدرى" , - قال إيه- عشان الصيدلية "يبقى لها زبونها" اللى يبقى جاهز ساعة لما أتخرج .. يعنى ما يبقاش ساعة تخرجى اسمى "ابتديت مع الصيدلية دى من الصفر" ..
يا ريتنا ما عملنا كده .. !! .. عارف ليه ؟! ..
عشان الصيدلية اتفتحت فعلا و انا لسه فى الدراسة , .. طب و ف أيام الأجازات ..؟!
-هيه يا حمادة ؟! .. مش حتروح صيدليتك يا حبيبى ؟! ..
-لا يا أمى .. ورايا مذاكرة كلينيكال و بعدين أنا لسه بادّرب .. يعنى ما ينفعش أقف ف صيدلية لوحدى
-طب و ايه يعنى ؟! .. خد ورقك و محاضراتك و ذاكر هناك .. بدل ما تقعد تتخانق مع اخوك هنا ..
-حاضر يا ماما .. (بر والدين بقى) ..
و اروح الصيدلية .. و يبقى اسمى هناك : الدكتور أحمد راح .. الدكتور أحمد جه ..
و الناس هناك متعودة على إن خريج الثانوية العامة "علمى علوم أبو مجموع طب" هو دكتور و رئيس قسم حتى قبل ما يخطو أولى خطواته داخل الكلية ..
و تنزل ساعتها الأسئلة الطبية المعقدة ترفّ على دماغى ..
اللى إيده مكسورة و عايزنى أجبّسها له ..
و اللى دخل ف رجله خابور "مش مسمار و بس يعنى" و عايزنى أدّيله حقنة تيتانوس و أخيطهاله كمان ..
و اللى مراته تعبانة و جاى يحكيلى على أعراضها و عايزنى أعالجها له غيابيا .. (المصيبة إنى كنت كل ما اسأله على حاجة عنها يقول لى : "ماعرفش و اللهِ" )
ده غير اللى عايزنى أقرا له روشتة فيهم 16 صنف مافيش فيهم ولا واحد عارف اقراه ..
كل ده وانا لسه ف تانية أو تالتة ..
و طبعا كنت ساعات بـ"اتشملل" و اوصف علاج للناس و ساعات كنت باقول "ماعرفش" .. و فى الحالتين كان الزبون بيمشى من قدّامى و ماشوفش وشه بعد كده ..

يعنى تولدت بينى و بين أهل البد "أزمة ثقة" ..


و ده كان أول سبب من أسباب الـ"أزمة دى" .. ألا و هو فتح الصيدلية "بدرى بدرى" ..
أما يا سيدى تانى سبب هو إن الصيدلية – بعيد عنك – ما بيعيشلهاش بنات .. أقصد يعنى ما بتثبتش فيها عاملة .., و ده لأن دايما الصيدلية وشها حلو "عليهن" .. مافيش واحدة دخلتها إلا و طلعت منها مخطوبة .. و طبعا خطيبها بيكون "حمش" و عايز "يستتها" فى البيت .. إذن تذهب العاملة إلى حال سبيلها ليبدأ بعدها فاصل جديد من البحث و التمحيص و سؤال طوب الأرض عن عاملة جديدة ..
لكن خليك ثوانى مكان الزبون اللى دايما يدخل الصيدلية و يسألنى باستهجان:
-أمال فين"فلانة" ؟!
-لا .. سابت الصيدلية عشان خطبتها قريب ..
-(ناظرا باستهجان أشد) .. آاااه .. طيب ..
متهيأ لى مش محتاجين نفسر أكتر من كده ..
ده كان السبب التانى ..

أما السبب التالت يا سيدى فهو كالآتى ..
حتى وقتنا هذا , يأتى معظم الزبائن إلى الصيدلية و يخرجون على أمل أن يجدوا علاجهم كاملا عند المغرب من نفس اليوم .. أى نعم .. حتى الآن لا نستطيع أن نجزم أن الصيدلية قد اكتملت ..

مافيش فيكى يا صيدليتنا المصون روشتة طلعت منك فى الكيس البلاستيك و جنبها الأصناف اللى مكتوبة فيها على مرة واحدة أبدا .. دايما كنت تلاقى على لسانى الجملة دى :
-و اللهِ الصنفين دول مش موجودين دلوقتى .. و ان شاء الله لو جيت ع المغرب كده حتلاقيهم بإذن الله ..
و كنت تلاقى الزبون ينظر لى فى غيظ ثم فى استسلام .. فقد استوليت على الروشتة .. و غالبا لا أرى هذه النوعية من الزبائن مرة أخرى ..
و آخر هذه المواقف جرى منذ ساعة واحدة ..
السيدة الفاضلة تقذف فى وجهى طوبًا و زلطًا , و لكن على هيئة كلمات مسموعة ..
قالتها فى وشى بصراحة كده:
-يا دكتور أنا ما "بجيتش" باجيب معظم الدوا بتاعنا إلا من دمنهور عشان كل ما نيجى هنا بروشتة مانلاقيهاش كاملة ..

إيه الذوق ده كله ؟! .. بقّها بينقّط سكر يا اخواتى .. !!

و يا ريت على كده و بس ..
طب حد يدّينى عقل على عقلى عشان أعرف "أبلع" الموقف اللى حاقوله لك ده ..

-أوامرك يا حاج عبد العليم ..
-عايز شريط بارامول ..
-عينيّه يا حاج .. هاتى شريط يا شيماء .. .. .. (و انا باناولهوله بإيدى) .. اتفضل يا حاج .. جنيه بس
-ده بارامول ؟!
-آه يا حاج .. بارامول ..
-(بنظرة ملؤها الشك) طب هات العلبة كده
-(و انا مستغرب) اتفضل يا حاج .. خير ان شاء الله !
-(بابتسامة فلاحى ناظرا فى الاسم على العلبة) آه فعلا .. طلع بارامول ..

و يخرج من الصيدلية دون إضافة كلمة واحدة ..

الله يكرمكوا حد يقول لى الراجل ده كان يقصد إيه غير المعنى اللى فى دماغى ..
يعنى الراجل ده كان مستصغرنى و لا مش "مسدكترنى" .. ولّا خايف لأطلع له شريط "سم هارى" .. ولّا إيه بالظبط ..؟!

حد يقول لى اعمل إيه فى الورطة دى ؟!

0 التعليقات:

إرسال تعليق